الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.من أقوال المفسرين: .قال الفخر: .قال ابن عطية: .قال الفخر: قال: وهذا يدل على بطلان مذهب المجبرة لانهم يقولون: انه تعالى أرسل رسلا لتعصى، والعاصي من المعلوم أنه يبقى على الكفر، وقد نص الله على كذبهم في هذه الآية، فلو لم يكن في القرآن ما يدل على بطلان قولهم إلا هذه الآية لكفى، وكان يجب على قولهم أن يكون قد أرسل الرسل ليطاعوا وليعصوا جميعا، فدل ذلك على أن معصيتهم للرسل غير مرادة لله، وأنه تعالى ما أراد ألا أن يطاع. واعلم أن هذا الاستدلال في غاية الضعف وبيانه من وجوه: الأول: ان قوله: {إلاَّ لِيُطَاعَ} يكفي في تحقيق مفهومه أن يطيعه مطيع واحد في وقت واحد، وليس من شرط تحقق مفهومه أن يطيعه جميع الناس في جميع الاوقات، وعلى هذا التقدير فنحن نقول بموجبه: وهو أن كل من أرسله الله تعالى فقد أطاعه بعض الناس في بعض الاوقات، اللهم الا أن يقال: تخصيص الشيء بالذكر يدل على نفي الحكم عما عداه، الا أن الجبائي لا يقول بذلك، فسقط هذا الإشكال على جميع التقديرات. الثاني: لم لا يجوز أن يكون المراد به ان كل كافر فإنه لابد وأن يقربه عند موته، كما قال تعالى: {وَإِن مّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] أو يحمل ذلك على ايمان الكل به يوم القيامة، ومن المعلوم أن العلم بعدم الطاعة مع وجود الطاعة متضادان، والضدان لا يجتمعان، وذلك العلم ممتنع العدم، فكانت الطاعة ممتنعة الوجود، والله عالم بجميع المعلومات، فكان عالما بكون الطاعة ممتنعة الوجود، والعالم بكون الشيء ممتنع الوجود لا يكون مريدًا له، فثبت بهذا البرهان القاطع أن يستحيل أن يريد الله من الكافر كونه مطيعًا، فوجب تأويل هذه اللفظة وهو أن يكون المراد من الكلام ليس الإرادة بل الأمر، والتقدير: وما أرسلنا من رسول إلا ليؤمر الناس بطاعته، وعلى هذا التقدير سقط الإشكال. اهـ. .قال الألوسي: .قال الفخر: وعلى هذا الوجه فيصير تقدير الآية: وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بتوفيقنا وإعانتنا، وهذا تصريح بأنه سبحانه ما أراد من الكل طاعة الرسول، بل لا يريد ذلك إلا من الذي وفقه الله لذلك وأعانه عليه وهم المؤمنون. وأما المحرومون من التوفيق والاعانة فالله تعالى ما أراد ذلك منهم، فثبت أن هذه الآية من أقوى الدلائل على مذهبنا. اهـ. قال الفخر: الآية دالة على أنه لا رسول إلا ومعه شريعة ليكون مطاعا في تلك الشريعة ومتبوعا فيها، إذ لو كان لا يدعو إلا إلى شرع من كان قبله لم يكن هو في الحقيقة مطاعا، بل كان المطاع هو الرسول المتقدم الذي هو الواضع لتلك الشريعة، والله تعالى حكم على كل رسول بأنه مطاع. اهـ. قال الفخر: الآية دالة على أن الأنبياء عليهم السلام معصومون عن المعاصي والذنوب لأنها دلت على وجوب طاعتهم مطلقا، فلو أتوا بمعصية لوجب علينا الاقتداء بهم في تلك المعصية فتصير تلك المعصية واجبة علينا، وكونها معصية يوجب كونها محرمة علينا، فيلزم توارد الإيجاب والتحريم على الشيء الواحد وإنه محال. فإن قيل: ألستم في الاعتراض على كلام الجبائي ذكرتم أن قوله: {إلاَّ لِيُطَاعَ} لا يفيد العموم، فكيف تمسكتم به في هذه المسألة مع أن هذا الاستدلال لا يتم إلا مع القول بأنها تفيد العموم. قلنا: ظاهر اللفظ يوهم العموم، وإنما تركنا العموم في تلك المسألة للدليل العقلي القاطع الذي ذكرناه على أنه يستحيل منه تعالى أن يريد الإيمان من الكافر، فلأجل ذلك المعارض القاطع صرفنا الظاهر عن العموم، وليس في هذه المسألة برهان قاطع عقلي يوجب القدح في عصمة الأنبياء فظهر الفرق. اهـ. قال الفخر: في سبب النزول وجهان: الأول: المراد به من تقدم ذكره من المنافقين، يعني لو أنهم عندما ظلموا أنفسهم بالتحاكم إلى الطاغوت والفرار من التحاكم إلى الرسول جاؤا الرسول وأظهروا الندم على ما فعلوه وتابوا عنه واستغفروا منه واستغفر لهم الرسول بأن يسأل الله أن يغفرها لهم عند توبتهم لوجدوا الله توابا رحيما. الثاني: قال أبو بكر الأصم: إن قوما من المنافقين اصطلحوا على كيد في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم دخلوا عليه لأجل ذلك الغرض فأتاه جبريل عليه السلام فأخبره به، فقال صلى الله عليه وسلم: إن قوما دخلوا يريدون أمرًا لا ينالونه، فليقوموا وليستغفروا الله حتى أستغفر لهم فلم يقوموا، فقال: ألا تقومون، فلم يفعلوا فقال صلى الله عليه وسلم: قم يا فلان قم يا فلان حتى عد أثنى عشر رجلا منهم، فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت، ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا أنفسنا فاستغفر لنا، فقال: الآن اخرجوا أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار: وكان الله أقرب إلى الإجابة اخرجوا عني. اهـ. قال الفخر: لقائل أن يقول: أليس لو استغفروا الله وتابوا على وجه صحيح لكانت توبتهم مقبولة، فما الفائدة في ضم استغفار الرسول إلى استغفارهم؟ قلنا: الجواب عنه من وجوه: الأول: أن ذلك التحاكم إلى الطاغوت كان مخالفة لحكم الله، وكان أيضًا إساءة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وإدخالا للغم في قلبه، ومن كان ذنبه كذلك وجب عليه الاعتذار عن ذلك الذنب لغيره، فلهذا المعنى وجب عليهم أن يطلبوا من الرسول أن يستغفر لهم. الثاني: أن القوم لما لم يرضوا بحكم الرسول ظهر منهم ذلك التمرد، فإذا تابوا وجب عليهم أن يفعلوا ما يزيل عنهم ذلك التمرد، وما ذاك إلا بأن يذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويطلبوا منه الاستغفار. الثالث: لعلهم إذا أتوا بالتوبة أتوا بها على وجه الخلل، فإذا انضم إليها استغفار الرسول صارت مستحقة للقبول والله أعلم. اهـ. .قال الألوسي: {واستغفر لهم الرسول} وسأل الله تعالى أن يقبل توبتهم ويغفر ذنوبهم، وفي التعبير باستغفر إلخ دون استغفرت تفخيم لشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث عدل عن خطابه إلى ما هو من عظيم صفاته على طريق حكم الأمير بكذا مكان حكمت، وتعظيم لاستغفاره عليه الصلاة والسلام حيث أسنده إلى لفظ منبيء عن علو مرتبته {لَوَجَدُواْ الله تَوَّابًا رَّحِيمًا} أي لعلموه قابلًا لتوبتهم متفضلًا عليهم بالتجاوز عما سلف من ذنوبهم، ومن فسر الوجدان بالمصادفة كان الوصف الأول: حال والثاني: بدلًا منه أو حالا من الضمير فيه أو مثله، وفي وضع الاسم الجامع موضع الضمير إيذان بفخامة القبول والرحمة. اهـ. .قال الفخر: .قال الزمخشري: .قال البيضاوي: .قال الفخر: .قال القرطبي: فنودي من القبر أنه قد غفر لك. اهـ.
|